فيمينا: حق، سلام، شمولية

فيمينا: حق، سلام، شمولية
تدعم فیمینا المدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن والحركات النسوية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا

معلومات الاتصال

تعتبر الرعاية الذاتية أمرًا بالغ الأهمية، لكن لا ينبغي الخلط بينها وبين العمل النسوي

بقلم: زويا باتل

منبع: Guardian

المصدر: مرکز یارا

إن عملنا كنسويات لا ينتهي طالما أن هناك فجوة كبيرة بين النساء اللاتي يتمتعن بأكبر قدر من الحريات، والنساء اللاتي لديهن حريات أقل. 

بدأت الشابات من نفس عمري ومن خلفيات مماثلة في نشر “أعمالهن النسوية” للعام المقبل على وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث تشمل اتخاذ قراراً بالتشكيك في معايير الجاذبية الداخلية لديهن، ووضع حدود في العلاقات لتعزيز الصحة العقلية، وجدولة الرعاية الذاتية، وتخصيص وقت كل يوم للتأمل لتحسين طاقتهن العاطفية.

وهذا ماجعلني أشعر بالحيرة، إنَّ هذه أهداف جديرة بالاهتمام لتحديد الأولويات على المستوى الفردي، ولكن هل هذا هو في الواقع ما يبدو عليه النشاط النسوي في العصر الحديث؟ هل سنركز فقط على رفاهيتنا الفردية ونتجاهل الحاجة إلى  العمل الجماعي لمواجهة عدم المساواة الهيكلية؟

أما بالنسبة للنساء اللاتي كن يتشاركن هذه الطموحات، وأنا منهن، فالحقيقة هي أن ثراءنا وتحصيلنا التعليمي يسمحان لنا في الغالب بتجنب عدم المساواة الهيكلية بين الجنسين الأكثر انتشارًا. على الرغم من وجود فجوة في الأجور بين الجنسين، إلا أنها تؤثر بشكل رئيسي على النساء في الصناعات ذات الأجور المنخفضة. في حالتي، على الرغم من أن عوامل أخرى مثل أخذ إجازة من العمل لتربية الأطفال قد تلعب دورًا، إلا أن دخلي الأساسي مرتفع بما يكفي لتعويض أي آثار قد تنتج عن أن يصبح شريكي الذكر هو صاحب الدخل الأعلى في عائلتنا، وسيكون التأثير الأكبر في هذه الحالة على الأرجح على غروري.

وبالمقارنة، فإن الموارد المتاحة لي تقلل من آثار تحمل غالبية التزامات الرعاية، والتعامل مع التحيز اللاواعي في العمل، وإيجاد رعاية للأطفال بأسعار معقولة، وإدارة آثار المعايير الجنسانية على حياتي الاجتماعية والثقافية.

أستطيع أن أعيش في بيئة اجتماعية وثقافية تتميز بدخل الطبقة المتوسطة، ومستويات عالية من التحصيل التعليمي، والمثل التقدمية، والحصول على المساعدة القانونية عند الحاجة. يمكنني أيضًا الاستعانة بالمساعدة وتنظيم المحتوى الذي أستوعبه. سيكون من السهل بالنسبة لي أن أنسى أن هناك نساء وأشخاصًا من هويات جنسية مختلفة ما زالوا/ن يكافحون/ن من أجل التمتع بنفس الحقوق والامتيازات التي استمتعت بها طوال حياتي إذا بقيت في فقاعتي الصغيرة.

أفهم أن هناك أوقات تكون فيها المشكلات الأكثر إلحاحًا التي تتعاملين معها يوميًا هي المشاعر غير المريحة التي قد تشعرين بها من العلاقات أو وسائل الإعلام. يمكن أن تسيطر هذه الأمور على أفكارك إلى الحد الذي تعتقدين فيه أن لديها نفس القوة التي كانت عليها عندما واجهت النساء في الماضي عقبات مثل عدم القدرة على التصويت، أو الحصول على عمل، أو الحصول على الحقوق الجنسية والإنجابية.

ومع ذلك، فهذا تكتيك أبوي، ويؤسفني أن أبلغكن أنه دليل على أن أساليبنا غير صحيحة.

إن الغرض الكامل من تكاتف النساء معًا للنضال من أجل حقوقنا هو أنه مع حصول المزيد والمزيد منا على مزايا مثل الحرية الاقتصادية والتعليمية، يجب علينا استخدام هذه المزايا المكتشفة حديثًا للتركيز على إزالة العقبات المستمرة التي تواجهها الأقليات في مجتمعنا.

متى سنعالج القضايا الحاسمة التي تمنع أولئك اللواتي لديهن قدر أقل من الثروة من الاستفادة من نفس الحريات التي ناضلن إلى جانبنا من أجل تحقيقها، إذا كنا راضيات بقبول أعمال معزولة تمامًا كأولوياتنا النسوية؟

قد تتساءلن لماذا لا نستطع القيام بالأمرين معًا. ما العيب في وضع النساء لصحتهن العقلية ورعايتهن الذاتية أولاً حتى يتمكن من الاستعداد بشكل أفضل لمساعدة الأخريات لاحقًا؟

وأجيب عليه، هل نفعل كلا الأمرين؟ لأنني لا أرى النساء اللواتي أشاهدهن يدافعن عن النساء المتحولات اللائي يناضلن من أجل وصول أفضل إلى الرعاية الصحية التي يحتجنها ليعيشن حياتهن كما يستحقن، أو عندما تدعو نساء الأمم الأولى إلى اتخاذ إجراءات ضد معدلات سجن نساء السكان الأصليين بسبب الغرامات غير المدفوعة أو عندما يدلين بتصريحات جريئة حول التزامهن النسوي بالرعاية الذاتية.

في الواقع، لاحظت أن هؤلاء النساء يهرعن لشراء مناشف الشاي والأقراط التي تحمل اقتباسات من خطاب جوليا غيلارد الكاره للنساء تكريماً للذكرى السنوية العاشرة للخطاب في العام الماضي، كل ذلك دون التوقف عن التفكير في الضرر طويل المدى الناجم عن قرار غيلارد نقل الأمهات العازبات إلى بدل نيوستارت –  قرار تم اتخاذه في نفس يوم الخطاب – حول الرفاهية الاقتصادية للمرأة في جميع أنحاء البلاد.

أين هو الدافع لاتخاذ إجراءات من أجل الآخرين/ات إذا قمنا بخفض مستوى العمل النسوي إلى الحد الذي قد نشعر فيه بالاحترام الذاتي الإيجابي للنشاط النسوي للأفعال التي تفيد أنفسنا فقط؟

قد يكون من المحرج قراءة هذا والتفكير مرة أخرى في ما قمتي به. قد تجادلين بأنني أمارس المواجهة بشكل غير مبرر وأن الحركة النسوية يمكن، بل وينبغي لها، أن تشمل نطاقًا واسعًا من وجهات النظر. إذا كان هذا هو ردك، دعيني أطلب منك التفكير في شيء آخر.

بينما تركزين على إجراءات الرعاية الذاتية والعقليات التي تعلمين أنها ستعزز صحتك العقلية ورفاهيتك بشكل عام، ما مدى احتمالية حصول النساء المحرومات، والأشخاص الملونين، والنساء المتحولات جنسيًا، والأشخاص ذوي الإعاقة، والفئات المهمشة الأخرى على ما يلي: الوقت والطاقة والوسائل ل للقيام بنفس الشيء؟

إن عملنا كنسويات لا ينتهي طالما بقي هناك تفاوت كبير بين الحريات التي يتمتع بها أكبر عدد من النساء وأقل عدد منه. من السابق لأوانه التركيز على الداخل؛ وبدلاً من ذلك، يجب علينا أن نسعى جاهدات للارتقاء إلى مستوى مُثُلنا النسوية.