
بالإضافة إلى التحريض المتصاعد على الكراهية العنصرية وزيادة عمليات الترحيل من قبل السلطات التركية والتي تشكل خرقاً للتشريعات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين وحقوق الإنسان، تعرض/ت اللاجئون/ات السوريون/ات في تركيا مؤخرًا لهجمات عنيفة وكراهية للأجانب. تُدين فيمينا بشدة الترحيلات المستمرة والهجمات على السوريين/ات في قيصري وغازي عنتاب والمقاطعات التركية الأخرى. إننا نُطالب الحكومة التركية بأن تلتزم بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وأن تضع وتنفذ سياسات تحمي حقوق وكرامة جميع اللاجئين، مع إيلاء اهتمام خاص للنساء والمجموعات المهمشة الأخرى التي تتأثر بشكل كبير بالتهجير وانتهاكات الحقوق.
بدأت الثورة السورية في عام ٢٠١١ عندما خرج/ت السوريون/ات في مظاهرات احتجاج ضد حكم نظام الأسد الذي استمر لأربعة عقود. اعتمدت الإدارة السورية استراتيجية قمع الاحتجاجات، مستهدفة المدنيين/ات وحاصرت التجمعات وارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة ردًا على الاضطرابات المدنية الواسعة النطاق. تم تشريد أكثر من نصف سكان البلاد من منازلهم/ن نتيجة لتحول حركة الاحتجاجات إلى نزاع مسلح، ما أدى إلى وفاة نحو ٣٠٠٠٠٠ شخص بحسب التقديرات، وهروب أكثر من ٦.٨ مليون لاجئ للبحث عن الأمان خارج سورية. يُقيم/تُقيم غالبية اللاجئين/ات في الدول المجاورة، حيث تستضيف تركيا وحدها ٣.٢ مليون شخص، مما يجعلها أكبر مجموعة من اللاجئين/ات السوريين/ات.
واجه/واجهت السوريون/ات في تركيا مجموعة واسعة من التحديات المتعلقة بوضعهم/ن القانوني، وظروفهم/ن المعيشية الهشة، والكراهية الشاملة والتمييز. أثر الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية بقوة ٧.٨ درجة في فبراير ٢٠٢٣ بشكل مباشر على أكثر من ٩ مليون شخص في تركيا، بينهم ١.٧ مليون لاجئ/ة سوري/ة وآخرين/أخريات. أدى الزلزال إلى آثار وخيمة وتدهور اقتصادي في تركيا، مما أدى إلى اندلاع موجة قوية من العداء تجاه اللاجئين/ات. نفذت الحكومة التركية جهودًا غير مشروعة للترحيل منذ عام ٢٠١٨، حيث وجدت السلطات أنه من الأسهل تنفيذ عمليات الترحيل للسوريين/ات لأنهم/ن يحملون/يحملن وضعًا قانونيًا مؤقتًا كلاجئين/ات في تركيا. تم ترحيل أكثر من ٥٧٠٠٠ سوري في عام ٢٠٢٣ بالقوة وفقًا لتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، حيث تم اجبار العديد منهم/ن على توقيع اتفاقيات “طوعية” للعودة. إن الظروف الخطيرة في مناطق مثل إدلب، حيث يتم نقل عدد كبير من اللاجئين/ات إليها، تسلط الضوء على التهديدات التي تنتظرهم هناك. يوجد حاليًا ٢.٩ مليون نازح داخلي يعيشون في إدلب، وهي منطقة نزاع سياسي غير مستقرة حيث يعتمدون/يعتمدن بشكل كبير على إمدادات المساعدات الأجنبية المتناقصة. تواجه النساء ويواجه الأطفال خطرًا متزايدًا من العنف والاستغلال والحرمان في هذه المناطق.
مهَّد كلا من الحزن والآثار الأوسع نطاقًا للزلزال في عام ٢٠٢٣ الطريق أيضًا لحملات رئاسية وبرلمانية عنصرية في تركيا. تم تأجيج مشاعر الكراهية للأجانب في تركيا بفعل الخطابات والأفعال السياسية، حيث قامت الأحزاب السياسية الرئيسية بحملات ضد المهاجرين/ات، مما أدى إلى زيادة العداء ضد اللاجئين/ات وتقويض التماسك الاجتماعي وحقوق الإنسان. فرضت السلطات التركية قيودًا على اللاجئين/ات غير المسجلين/ات، وخاصة الذين/اللواتي نزحوا/ن بسبب الزلزال، حيث لجأ العديد من الأشخاص إلى ترك منازلهم/ن بسبب الزلزال في المناطق التي كانوا/كن مسجلين/ات فيها إلى مناطق أخرى بحثا عن الأمان والمأوى، فقامت السلطات باعتقالهم/ن باعتبارهم/ن لاجئين/ات غير مسجلين/ات.
تتعرض النساء السوريات اللاجئات في تركيا لأشكال متزايدة من العنف القائم على النوع الاجتماعي والهجمات المتكررة. أثرت حملة الترحيل ضد السوريين/ات بشكل جندري على النساء. على سبيل المثال، يتم ترحيل الأمهات أحيانًا دون أطفالهن، مما يؤدي إلى إصابتهن بصدمات نفسية واجتماعية شديدة، ويهدد بالنزاع بين العائلات واستقرارها. تحدثت فيمينا مع مدافعة عن حقوق الإنسان تعمل في غازي عنتاب، التي وصفت الأجواء العامة بأنها مليئة بالخوف والرعب، مشيرة إلى أنها تذكرها بالحياة تحت حكم الأسد في سورية. تحدثت عن التحديات الهائلة التي تواجهها عائلتها قائلة: “اعتُقل ابني لأكثر من شهر، وعلى الرغم من تعيين محامٍ، لا يزال ملفه غير محلول. لقد طالبوا برشوة من مكتب الهجرة. إذا داهموا منزلنا، سيتم ترحيله على الفور. إنهم يفصلون بين الأمهات وأطفالهن ويقومون بترحيل الأمهات إلى سورية دون أطفالهن.” (٨ يوليو ٢٠٢٤).
إننا نقف في فيمينا متضامنات مع اللاجئين/ات السوريين/ات في تركيا وفي جميع أنحاء العالم. إننا نطالب الحكومة التركية بوضع حد فوري لعمليات الترحيل غير القانونية والالتزام بحقوق جميع اللاجئين. نحن قلقات بشأن تصاعد ترحيل اللاجئين/ات الأفغان/الأفغانيات من تركيا وعمليات العودة غير القانونية عبر الحدود الإيرانية التركية. إننا نحث المجتمع الدولي على الضغط على الحكومة التركية ومحاسبتها على أفعالها، وتقديم دعم أكبر لحماية اللاجئين/ات وجهود دمجهم/ن. إن عداء السلطة ضد مجتمعات اللاجئين/ات والمهاجرين/ات، خصوصًا خلال فترات الاضطرابات السياسية والصعوبات الاقتصادية، هو واقع مؤسف. تصبح هذه المجتمعات مظهرًا ملائمًا للسياسيين الذين يستغلون ظروفهم/ن لتحقيق مكاسب سياسية مع الناخبين/ات، بدلاً من التعامل مع الأسباب العميقة والجذور للأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجه بلدانهم. تدعو فيمينا الأطراف المعنية دوليًا إلى رفض سياسات الكراهية والانقسام، ومواصلة تمويل البرامج التي تمكّن اللاجئين/ات، وخاصة النساء والمجتمعات الضعيفة الأخرى، من خلال زيادة الوعي القانوني والتعليم وفرص العمل والدعم النفسي الاجتماعي، بالإضافة إلى مبادرات أخرى.
على الرغم من أن الكثير من السوريين/ات يأملون/يأملن في العودة بأمان إلى بلادهم/ن تحت ظروف تضمن الحرية والكرامة لجميع المواطنين/ات، إلا أن الوضع السياسي الحالي يجعل ذلك مستحيلاً. ندعو جميع الدول المضيفة إلى معالجة الصعوبات التي يواجهها/تواجهها اللاجئون/ات السوريون/ات وطالبوا/طالبات اللجوء، والعمل وفقًا لقوانين حقوق الإنسان واللاجئين الدولية إلى حين حصول تحول سياسي كبير في سورية.