فيمينا: حق، سلام، شمولية

فيمينا: حق، سلام، شمولية
تدعم فیمینا المدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن والحركات النسوية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا

معلومات الاتصال

احتجاجات السويداء 2023: يجب الاستماع إلى مطالب النساء السوريات

أدت احتجاجات 2011 في سورية، والتي تحولت إلى صراع وحشي استمر أكثر من عقد من الزمن، إلى اضطرابات سياسية واجتماعية هائلة في البلاد. في حين انحسار الصراع مع استعادة الحكومة وتعزيز سيطرتها في العديد من مناطق البلاد، إلا أن عودة النشاط والاحتجاجات في محافظة السويداء الجنوبية، بدءاً من منتصف أغسطس من هذا العام، فاجأ الكثيرين/ات. بقيت محافظة السويداء، وهي معقل الأقلية الدرزية في سورية، تحت سيطرة النظام طوال فترة النزاع.

سرعان ما تطورت الاحتجاجات الأخيرة، التي اندلعت في البداية ردًا على إنهاء دعم الوقود وغيره من الصعوبات الاقتصادية، إلى دعوات للتغيير السياسي. وكانت النساء في صدارة هذه الاحتجاجات ومركزها، ولم يقتصر الأمر على التظاهر فحسب، بل قمن أيضًا بالتخطيط لها وتنظيمها. تطالب النساء السوريات من خلال حضورهن النشط في هذه الاحتجاجات، بلعب دور في تشكيل مستقبل بلدهن. إنهن يتحدين المعايير الأبوية والأدوار التقليدية للجنسين، ويقمن بالدعوة إلى إدراجهن في عمليات صنع القرار. ولا تقتصر مطالب النساء على القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي، بل تشمل مجموعة واسعة من قضايا العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تهم جميع أفراد المجتمع السوري.

تشمل الطرق التي ساهمت بها النساء في هذه الاحتجاجات ما يلي:

التعبئة:

لعبت النساء دورًا حاسمًا في توحيد وتعبئة الجماهير من خلال تشكيل مبادرات شعبية، وتنظيم الاحتجاجات، واستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات، وحشد الدعم لتحدي النظام القمعي.

تقوم النساء في السويداء، المجهزات بمعرفتهن ووعيهن وخلفياتهن التعليمية، بتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والكشف عن الفساد داخل الهياكل السياسية منذ سنوات. يقمن أيضا من خلال التحليل النقدي والتعبير عن المظالم، بالمساعدة في إيقاظ وتعبئة الآخرين/ات، مما يعزز التأثير العام للاحتجاجات. 

تحدت نساء السويداء التوقعات المجتمعية من خلال التواجد والاحتجاج في الأماكن العامة والمشاركة في عمليات صنع القرار التي كان يسيطر عليها الرجال في السابق. وكان هذا التعطيل لمعايير النوع الاجتماعي بمثابة بيان قوي للتمكين، وكسر الحواجز وإعادة تشكيل التصورات المجتمعية. قامت النساء بتأسيس دورهن الذي لا غنى عنه كقائدات ومحفزات للتغيير من خلال المشاركة النشطة في جميع جوانب الاحتجاجات. ويأملن أن يتمكن من خلال هذه الجهود من المساهمة في الاعتراف بأن المساواة بين الجنسين هي جانب حاسم في أي مجتمع ديمقراطي.

بناء الشبكات والتضامن:

كان أحد الجوانب الأساسية لمشاركة النساء خلال احتجاجات السويداء هو إنشاء شبكات الدعم والتضامن فيما بينهن، داخل سورية وخارجها. وإدراكًا لأهمية الوحدة، شكلت النساء تحالفات، وتقاسمن الموارد، وقدمن الدعم العاطفي، وألهمن بعضهن البعض لمواصلة نضالهن من أجل العدالة. تعمل هذه الشبكات على تعزيز القدرة على الصمود والمثابرة، وهما أمران ضروريان لتأثير النشاط واستدامته.

مطالب النساء

أحد المطالب الأساسية للمرأة السورية في احتجاجات السويداء هو تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين. تطالب النساء بوضع حد للممارسات التمييزية، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإنشاء آليات قانونية لحماية حقوقهن وإنفاذها. وتسعى النساء أيضًا إلى الحصول على فرص متساوية للتعليم والعمل، لأنهن يدركن أن التمكين الاقتصادي جزء حيوي من المساواة. كما أنهن يقمن بالاحتجاج على القيود المفروضة على مشاركتهن الاجتماعية والاقتصادية، بالاضافة إلى القيود المفروضة على مشاركتهن في عمليات صنع القرار.

وتدعو النساء السوريات أيضًا إلى السلام والمصالحة. لقد عانت النساء كثيراً خلال النزاع الذي طال أمده، حيث فقدن أحباءهن وشهدن الدمار والتمزق في مجتمعاتهن. وعلى الرغم من هذه المعاناة، تُظهر المرأة السورية قوة هائلة وصبراً في الدعوة إلى السلام، حيث تدرك أهمية الحوار والشمولية والتسامح على طريق الشفاء والاستقرار الوطني.

ومن خلال المشاركة في هذه الاحتجاجات، تعبر النساء السوريات أيضًا عن مطالبهن بالحق في المشاركة السياسية والتمثيل. ويطالبن بزيادة تمثيل المرأة في جميع مستويات الحكومة وهيئات صنع القرار، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى وجهات نظر متنوعة وتمثيل شامل. ومن خلال التأكيد على أهمية القيادة النسوية في المصالحة والعمليات الديمقراطية بعد الصراع، تسعى المرأة السورية إلى إعادة تعريف ديناميكيات السلطة وتحدي المشهد السياسي الحالي الذي يهيمن عليه الذكور.

تمثل احتجاجات السويداء عام 2023 فصلاً هامًا في الحراك السوري ولا ينبغي إغفال أو التقليل من مشاركة المرأة في هذه الاحتجاجات.

تكرم فيمينا دور النساء السوريات إدراكًا لتصميمهن ومشاركتهن حيث يشكلن سابقة قوية للحركات الاجتماعية والسياسية المستقبلية في سورية، وتدعو المجتمع الدولي إلى دعم المرأة السورية في جهودها وتطلعاتها لمستقبل أفضل من خلال توفير الموارد والتمويل والمدافعة عن حقوقهن في المنابر الدولية كي نضمن بشكل جماعي استمرار المرأة السورية في لعب دور أساسي في تشكيل مستقبل تقدمي وشامل لسورية.