فيمينا: حق، سلام، شمولية

فيمينا: حق، سلام، شمولية
تدعم فیمینا المدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن والحركات النسوية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا

معلومات الاتصال

يجب أن لا نتخلى عن المساحة الإلكترونية، ولكن ليس على حساب صحتنا النفسية

حديث صحفي: مرکز یارا

زينة ارحيم، هي صحفية ونسوية معروفة وقد نشطت في مجالات الجندر والإعلام والاتصالات. قدمت زينة تقارير حول الحرب الأهلية السورية من داخل سوريا، مركزة بشكل خاص على قضايا النساء. في هذا اللقاء، تتحدث زينة عن النساء على الأرض اللواتي يواجهن التطرف بجرأة في العالم الحقيقي بلا خوف لكن عندما يتعلق الأمر بالمساحة الرقمية، لا يجرؤن على نشر آرائهن لأن حملات التشهير عبر الإنترنت قد تصبح في بعض الأحيان شخصية لدرجة يصعب عليهن مواجهتها ومقاومتها. تشرح زينة كيف يؤدي العنف عبر الإنترنت إلى زيادة الاختفاء للنساء وإلى وجود مساحات رقمية يهيمن عليها الذكور وتصبح سامة بشكل عام. حصلت زينة على العديد من الجوائز الدولية، وتعيش في انجلترا كلاجئة. 

***

أود أن أناقش معك العنف عبر الإنترنت ضد المدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يتعلق السؤال الأول بانتشار هذه الهجمات وكيفية استهدافها للنساء الناشطات في المنطقة. كيف ينظر المجتمع والرأي العام إلى هذه الهجمات عبر الإنترنت؟ هل يُعتبرونها جديّة ويُعترفون بها على أنها عنف ضد النساء، سواء من قبل المجتمع أو الناشطات المستهدفات أنفسهن، أم يتم تجاهلها؟

قبل كل شيء، من المهم ملاحظة أن هذه المشكلة ليست حصرية أو مقتصرة على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. على الرغم من أن تداعيات هذه الهجمات على الناشطين/ات في هذه المنطقة قد تحمل جوانب فريدة، إلا أن تداعيات مماثلة يمكن مشاهدتها في أجزاء أخرى من العالم. من الممكن لتجارب وتداعيات الهجمات عبر الانترنت في المنطقة أن تختلف، نظرًا للأزمات السياسية والظروف السائدة والبيئة الاجتماعية وتبرير العنف ضد النساء والعنف القائم على النوع الاجتماعي في هذه المجتمعات. لا تواجه  الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان فقط هذه الهجمات ؛ كتبت في مقالي عن تجارب بعض الشخصيات المعروفة، ولكن جميع النساء اللواتي يجرؤن على التواجد والنشاط والتأكيد في المجال العام يُتوقع منهن أن يكن مستعدات لمواجهة التنمر والتحرش في المساحات الإلكترونية وتحملها.

يعتقد المجتمع عموما “إذا كنتِ ترغبين في حماية نفسك، لماذا تخرجين عن الأدوار الجندرية التقليدية التي تحصرك في دور ربة المنزل وتختارين أن تكوني حاضرة في المجال العام؟ لذلك، إذا قررتِ أن تكوني نشطة في هذا المجال، فإنه ليس خطأ بالنسبة لنا أن نستهدف جسدك ونجعلك تشعرين بالخجل، وليس خطأ التعبير عن آراء حول جسدك أو مظهرك أو معتقداتك أو حتى عائلتك.” لذلك، يعتقد الجمهور بشكل عام أنه إذا لم تتقيدي بالأدوار الجندرية النمطية ولم تقتصرين على حدود منزلك، فإنك تستحقين أي ضرر يأتي في طريقك وستكونين المسؤولة عنه. لا يهم إذا كنتِ صحفية، أو سياسية، أو ناشطة، أو مشاركة عادية عبر الإنترنت؛ بمجرد أن تضعي نفسكِ في الساحة العامة، يبدو أنكِ قد منحتِ أي رجل إذنًا للقول بما يشاء عنكِ أو لكِ. لذلك، أول ما نسمعه هو أنكِ أنتِ نفسكِ هي السبب وراء هذه الهجمات والتعليقات الجنسانية. إذا كنت لا تريدين أن تصبحي هدفًا، فلماذا تشاركين صوركِ على وسائل التواصل الاجتماعي وتُظهرين يديكِ؟ حتى إذا كنتِ تتحدثين عن جرائم الشرف، لا يُغيّر ذلك شيئًا، لأن الشخص هو الذي يصبح هدف الهجمات، ليس كلامها أو أفكارها ومعتقداتها.

انت على حق، هذه المسألة ليست حصرية على الناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق الإنسان فقط. ومع ذلك، في هذا النقاش، أود التركيز على تأثير هذه الهجمات على الحركات النسوية والنشاط بشكل عام، بما في ذلك الجماعات المهمشة. أعتقد أن لدى الناشطين/ات والمستخدمين/ات العاديين/ات تجارب مختلفة فيما يتعلق بالعنف عبر الإنترنت. على سبيل المثال، يمكن أن يواجه الناشطون/ات السياسيون/ات وأعضاء/عضوات المجتمع المدني في بعض المناطق هجمات إلكترونية من قبل جهات حكومية وأفراد وجهات “عادية”. وهذا يعني أنهم/ن مستهدفون/ات من قبل المجتمع والحكومة على حد سواء. ما رأيك في ذلك؟ السؤال هو ما إذا كانت هذه الهجمات موجهة بشكل أكبر نحو الناشطين/ات من المجتمع الذين/اللواتي يعارض المجتمع آرائهم/ن النسوية، أم من حكوماتهم/ن المستبدة؟ هل واجهتم/ن في المنطقة هجمات إلكترونية منظمة بدعم من الدولة ضد الناشطين/ات؟

لقد واجهت كلاً من أنواع هذه الهجمات. بالنسبة للتعامل مع هجمات الحكومة المنظمة، لقد تعلمنا من تجارب الناجين/ات من الربيع العربي، وللأسف، أصبحنا معتادات على هذه الهجمات. أصبحت أموراً طبيعية بالنسبة لنا. لقد تعلمنا طرقًا لحماية أنفسنا ومواجهة هجمات الحكومة المنهجية من خلال أدلة مختلفة ودعم واسع من المنظمات والحلفاء. هذه الهجمات لا تزال مستمرة بأشكال متنوعة، وما زلت أتلقى إشعارات من غوغل حول محاولات حسابات حكومية للوصول إلى بريدي الإلكتروني وسرقة كلمة مروري، وما إلى ذلك.

من الناحية الشخصية، لا يشغلني هجمات الحكومة بقدر ما تشغلني هجمات الأفراد أو الناشطون المعارضون. من المحزن رؤية بعض الناشطين الذين كانوا يعتبرون أصدقاءنا ورفاقنا في النضال يلجؤون إلى هجمات جنسانية ضد النساء اللواتي يعبرن عن آرائهن التي يختلفون معهن فيها. قد يعتبرون أنفسهم مدافعين عن حقوق النساء على السطح، لكن عندما تقول امرأة شيئًا لا يعجبهم، فإن أول كلمة تتبادر إلى ذهنهم هي “عاهرة”، بدلاً من محاولة التفاعل في حوار بناء والنقاش حول معتقداتها وبياناتها.

لذلك، يمكنني القول إنه بالنسبة لي وبالنسبة للنساء اللواتي أعرفهن وعملت معهن، الشعور بالأمان والحماية هو بالفعل مصدر قلق كبير، سواء تم استهدافهن من قبل القوى الحكومية أو الكيانات غير الحكومية، الأمر الذي يمكن أن يكون مرعبًا للغاية وينتشر بشكل واسع في المنطقة. يكون من الصعب في بعض الأحيان، تحديد بدقة ما إذا كان الهجوم قد نفذ من قبل الحكومة أو كيان غير حكومي. على سبيل المثال، تم إطلاق النار على مدافعة عن حقوق الإنسان امرأة في شارع في ليبيا، ولم يعرف أحد بالضبط أي جهة مسؤولة عن الهجوم. بالمثل، تظل العديد من حالات الاختطاف والقتل في العراق وسوريا ومناطق أخرى غير واضحة من حيث الدوافع وهوية الجناة.

السلامة الجسدية هي بلا شك قضية حاسمة، حيث يمكن أن يكون العنف الرقمي والعنف الجسدي مترابطين. يمكن أن يتسرب العنف عبر الإنترنت إلى مواقف الحياة الواقعية ما لم يعمل/تعمل الناشطون/ات في الخارج – في هذه الحالة، يمكن أن يقتصر العنف على الفضاء الافتراضي. إن حملات التشهير عبر الإنترنت التي تستهدف الأفراد هي أنواع الهجوم الإلكتروني الأكثر ضررًا التي شهدتها. تتمتع هذه الهجمات بالقدرة على إجبار على مغادرة الأماكن العامة وإجبارهن على التوقف عن أنشطتهن أو حتى انسحابهن عن النشاط النسوي عبر الإنترنت والترويج له.

 قد تكون النساء قد نجحن في التصدي للهجمات الجسدية والإلكترونية التي تنفذها الحكومة، ولكنهن لم يتمكن من مقاومة هجمات المجتمع المنظمة عبر الإنترنت. ليس لأنهن يفتقرن إلى المرونة أو الطاقة، بل لأن هذه الهجمات لا تستهدف الفرد فقط؛ بل تؤثر أيضًا على أسرهن وجيرانهن، و… يمكن أن تصبح حملات الكراهية شخصية بشكل عميق وكثيف. على سبيل المثال، تنتشر هجمات الدولة عادةً بتوجيه اتهامات كاذبة بالتجسس أو اتهامات مماثلة أخرى، ولكن عندما تبدأ الهجمة من قبل مستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يصل المعتدين إلى استهداف طفل أحد الأشخاص الذي يعاني من التوحد أو التعليق على اختيارات اللباس لدى جار في يوم معين، وما إلى ذلك. تصبح شدة هذه الهجمات الشخصية حتى الدرجة التي يصبح من الصعب تقريبًا مواجهتها ومقاومتها.

لقد أشرت إلى نقطة أساسية. لقد سمعت أيضًا من العديد من الناشطات النسويات الإيرانيات أن التعامل مع الاتهامات والهجمات الحكومية يكون في كثير من الأحيان أسهل بكثير مقارنةً بهذه الهجمات الشخصية. وذلك لأن الاتهامات الحكومية قد تفتقر إلى الإيمان وتستهدف الجميع وغالبًا ما لا يصدقها الجمهور، بينما تستهدف الهجمات الشخصية هويتك وشخصيتك، مما يسبب صدمة أعمق. لقد تحدثت عن تأثير العنف الرقمي على نشطاء/ناشطات المجتمع المدني وكيف استطاعوا تهميش وتسكيت مدافعي/ات حقوق الإنسان. نظرًا للتجارب والخبرات والتقارير الخاصة بك، هل يمكنك مناقشة تداعيات هذه الهجمات على النساء والمجموعات المهمشة بمزيد من التفصيل؟ كيف تتفاعل النساء مع مثل هذا العنف في المنطقة؟

بالنسبة لتأثير التحرش عبر الإنترنت على النساء والمجموعات المهمشة، هناك العديد من الحالات حيث تم اجبار النساء على مغادرة الفضاء الإلكتروني بالكامل. ولكن في مصر، انتحرت فتاة مراهقة بعد أن تم تداول فيديو مزيف لها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. كانت في سن السابعة عشرة فقط. في سوريا، تم قتل امرأة أخرى على يد شقيقها بسبب صورة لها تم مشاركتها في مجموعة على فيسبوك. تواجه العديد من النساء حالات مماثلة، فإما أن يصبحن غير مرئيات عمدًا، أو يختبئن وراء هويات مجهولة، أو يغادرن الفضاء الإلكتروني بالكامل لحماية أنفسهن.

لقد شهدنا انخفاضاً في وجود النساء على منصات مثل فيسبوك، حيث انتقل العديد منهن إلى إنستغرام، والذي يكون أقل عدوانية ويتيح مزيدًا من التفاعل اليومي. وهذا أمر مقلق لأنه يعزز الصورة النمطية للمرأة على أنها سطحية وسلبية وغير نشطة، تشارك الصور بدلا من المشاركة في المناقشات السياسية والانخراط في القضايا الاجتماعية. تساهم سياسات فيسبوك أيضًا في هذا الأمر، حيث لا تدعم بشكل كافي النساء اللواتي يتعرضن للعنف عبر الإنترنت. هناك العديد من الحالات التي يجب ذكرها. أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي نتيجة للتحرش الإلكتروني واستبعاد المرأة، مهيمن عليها من قبل الذكور بشكل متزايد واصبحت سامة، وتتقلص الأماكن العامة الصديقة للمرأة بشكل كبير. تعلمت النساء الشابات، من خلال تجاربهن السابقة، أن يكن حذرات. 

 لقد رأيت العديد من النساء الناشطات على الأرض ويواجهن التطرف في العالم الحقيقي بجرأة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفضاء الرقمي، قد يترددن في نشر مقابلة على فيسبوك بسبب التعليقات المؤذية المحتملة. إنهن لسن خائفات من الهجوم الإرهابي أو الموت – إنهن مستعدات للموت من أجل معتقداتهن – ولكن الخوف من أن تتصل بهن جارتهن وتقول: “لقد اتهمك أحد بالعاهرة”، أو “تم نشر صورة عارية مزيفة لك”، هذا يختلف عن الخوف من الخطر الجسدي. وبالتالي، تساهم أشكال العنف هذه في زيادة عدد النساء غير المرئيات وتحول الفضاء الرقمي إلى مكان سام يسيطر عليه الذكور.

لقد أشرت إلى الرقابة الذاتية وإلى الاختباء وراء أسماء مستعارة أو هويات مزيفة، ومغادرة الفضاء الافتراضي كاستراتيجيات تعتمدها النساء لحماية أنفسهن. ولكن من فضلك، أخبرينا بالمزيد عن الخيارات القانونية لمكافحة مثل هذا العنف، وتحديدًا النظر في القوانين التي تدعم ضحايا العنف الجنسي والمبني على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت في المنطقة وما إذا كانت هذه القوانين تغطي بشكل شامل أشكال متنوعة من التحرش عبر الإنترنت. تتفاوت القدرات القانونية لمعالجة العنف عبر الإنترنت من بلد إلى آخر. على سبيل المثال، في لبنان، قد يتم اساءه استخدام قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية من قبل الدولة لقمع النشطاء والنقاد. ولكن ماذا تعتقدين أنه يمكن أن يكون مفيداً بشكل عام؟

دعونا نناقش الآن حالة محددة في مصر. يمكن للمتحرشين جنسياً في مصر محاولة كبت وتخويف ضحاياهن باستخدام القوانين التي في الواقع تهدف إلى حماية ناشطات حقوق النساء والمدافعات ضد العنف الجنسي. لقد شهدنا حالات حيث واجه مخرج سينمائي معروف اتهامات بالاعتداء الجنسي والتحرش، وعندما اختار الصحفيون/ات والكتّاب دعم الضحايا من خلال مشاركة قصصهن وزيادة الوعي، استخدم المخرج قوانين التشهير في الفضاء الافتراضي لمقاضاتهم/ن. على الرغم من فوز أحد الصحفيين في القضية، إلا أن المخرج قام بنقلها إلى محكمة أعلى، وفي النهاية تم اجبار المرأة على دفع غرامة عن منشورها على فيسبوك. تقف هذه الحالة على تناقض واضح مع النتيجة المرجوة، حيث يتم قمع أولئك الذين/اللواتي يتحدون/يتحدين النظام بجرأة ويطالبون/ن بمحاسبة المتحرشين بدلاً من دعمهم، ويدعم النظام القانوني قمع النشطاء/ات عبر الإنترنت.

دعينا نتحدث قليلاً عن العمل الجماعي والتنظيم النسوي فيما يتعلق بالعنف عبر الإنترنت، وعن المجموعات والمنظمات النسوية في المنطقة التي تنشط في هذا المجال. هل تعرفين هذه المجموعات وأنشطتها ومشاريعها؟

أنا لست خبيرة في هذا المجال. ومع ذلك، أتابع صفحات ومجموعات نسوية متعددة من المنطقة التي تشارك محتوى متنوعًا يتعلق بالقدرات القانونية الداعمة المتاحة واستراتيجيات مكافحة الابتزاز والعنف عبر الإنترنت والانتقام الإباحي، إلخ. خاصة بعد الانتحار المأساوي لفتاة مصرية تبلغ من العمر 17 عامًا، لاحظنا زيادة كبيرة في هذه الأنشطة. تم إطلاق العديد من حملات رفع الوعي المتنوعة. مؤخرًا، كان هناك رجل في مصر يقوم بابتزاز خطيبته، مهددًا بمشاركة صور خاصة لها. قامت هي بتقديم شكوى ضده، وفازت في القضية في المحكمة، وأُلزم المتهم بدفع غرامات. مثل هذه الحالات تُثير مناقشات مهمة في الساحة العامة. تقوم الناشطات النسويات بنشر العديد من النصوص حول وسائل مواجهة العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي. ومع ذلك، لا أعرف ما إذا كانت أنشطتهن منظمة ومنسقة أم لا.

كنسويات، ما هي أنواع الإجراءات الفردية أو الجماعية التي يمكننا اتخاذها لجعل مساحة الإنترنت أكثر أمانًا؟ هل تعتقدين أن الضغط على شركات مثل ميتا (فيسبوك سابقًا) وتويتر لتغيير سياساتها يمكن أن يكون فعالاً؟ نحن نعلم أن هذه المنصات تعرضت لانتقادات لعدم دعمها بشكل كافٍ لضحايا التحرش عبر الإنترنت ولافتقارها إلى الشفافية في معالجة بلاغات سوء الاستخدام. عند تقديم التقارير، غالبًا ما تبقى دون إجابة، أو قد يدعي الرد أن المحتوى الذي تم الإبلاغ عنه لا ينتهك سياساتهم. نحن غير متأكدات من كيفية تطبيق هذه السياسات. هل تعتقدين أن الضغط على هذه المنصات لأخذ القضية على محمل الجد وتنفيذ سياسات أكثر شمولاً وفعالية سيكون له تأثير؟

قبل بضع سنوات، بذلنا جهودا للضغط على منصات مثل ميتا وغيرها من شركات وسائل التواصل الاجتماعي لحملها على تبني سياسات أكثر شمولا وفعالية. ومع ذلك، فإننا ندرك أن هذه كيانات تجارية، وقد لا تعطي الأولوية لسلامة النساء في الفضاء الإلكتروني بقدر ما ينبغي. وفي حين أن العديد من المحتويات التي يتم مشاركتها على هذه المنصات تهدد حياة النساء وسلامتهن، فإن استجابات الشركات لم تكن دائما مرضية. وبصراحة، أنا لست متفائلة بشأن هذا النهج. ومع ذلك، كانت هناك استجابات مختلفة من المنظمات الدولية في تلبية احتياجات النساء ضحايا العنف عبر الإنترنت، مثل إلغاء تنشيط الحسابات المسيئة أو تعطيل وظائف المراسلة. ومع ذلك، من الضروري الاعتراف بأن هذه الإجراءات وحدها لا تمثل حلاً ولا يمكنها القضاء على جذور المشكلة بالكامل. ولا يمكنها إلا أن تساهم في الحد من الضرر الناجم عن العنف عبر الإنترنت.

من خلال تجربتك، ما هو تأثير الهجمات الافتراضية على النشاط النسوي والحركات النسوية في المنطقة؟

أدت هذه الهجمات على المستوى الفردي، إلى توقف العديد من الناشطات النسويات عن الدعوة في الفضاء الرقمي. ومع ذلك، كان لهذا الوضع أيضًا بعض النتائج الإيجابية، حيث قامت الناشطات بتوجيه جهودهن نحو الاجتماعات والأنشطة الشخصية.  جمهورهن أكثر انحصارًا من الناحية السلبية، وقد يفقدن الوصول إلى الموارد والفرص الافتراضية. ولكن زادت هذه الهجمات أيضًا من شعور الأخوة النسوية عبر الحدود، حيث تقدم النسويات من مختلف البلدان الدعم والدفاع عن بعضهن البعض، خصوصًا اللواتي يواجهن التحرش الافتراضي المنظم. يظهر هذا الشعور بالتضامن لأن جميع النسويات قد تعرضن لمثل هذا العنف وهن على دراية بعواقبه، خصوصًا النسويات من مصر.

يعطلنا العنف عبر الإنترنت بشكل عام، ويشتت تركيزنا ويستنزف الكثير من طاقتنا. نجد أنفسنا غالبًا في وضع دفاعي، بدلاً من التخطيط للمشاريع والأنشطة. على سبيل المثال، في إحدى المرات كنت أناقش مشروعًا مع زميل، وتبين لنا أن لدينا مناقشة طويلة حول كيفية الرد على التعليقات البغيضة بعد إطلاق المشروع، مما أدى إلى تركنا فقط 15 دقيقة لمناقشة المشروع نفسه. هذا المثال يوضح بيئة التحديات التي نعمل فيها. ومع ذلك، التضامن والدعم النسوي هما أدواتنا الأساسية الوحيدة لمقاومة العنف عبر الإنترنت.

السؤال الأخير: هل تعتقدين، كنسويات ومن أجل حركاتنا، أنه من المهم الإصرار على نشاطنا ومناصرتنا عبر الإنترنت وعدم التخلي عن الفضاء الرقمي؟

من الضروري إعطاء الأولوية لرفاهنا وصحتنا العقلية كنسويات. إن تشجيع شخص ما على الاستمرار في مساحة مرهقة ومزعجة لمجرد أنه مناصر للحركة النسوية ليس أمرًا مناسبًا. يجب أن تكون سلامة كل امرأة وراحة بالها وسلامتها العقلية على رأس الأولويات. إذا كان لدى الفرد الطاقة والقدرة، فلا ينبغي له أن يتخلى عن الفضاء عبر الإنترنت، ولكن لا ينبغي له أن يستمر فيه على حساب سلامته العقلية.

الأولوية هي الطاقة والقدرة والرفاه العقلي لكل امرأة.