المؤلف: مرکز یارا
تعمل المدافعات عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على معالجة وتخفيف تأثير مجموعة متشابكة من التمييز القانوني والثقافي والقيود الاجتماعية على النساء. تقوم المدافعات عن حقوق الإنسان بعمل حاسم من خلال المجموعات والمبادرات والمنظمات غير الرسمية المصمَمَة لتغيير الممارسات والقوانين التمييزية وإنهاء العنف حيال النساء وتعزيز مفهوم المساواة. تواجه المدافعات عن حقوق الإنسان عند القيام بذلك تهديدات وعقبات متزايدة. وأدى تصاعد الاستبداد في المنطقة إلى زيادة الضغوط على المدافعات عن حقوق الإنسان وإلى استمرار تقلص وانغلاق الفضاء المدني بسرعة في جميع أنحاء منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أننا نشهد زيادة في الأعمال الانتقامية بحق المدافعات عن حقوق الإنسان المنخرطات في الدفاع عن الحقوق.
بالنظر إلى هذه الحقائق، من المهم بالنسبة إلى المدافعات عن حقوق الإنسان ومجموعاتهن ومنظماتهن أن يأخذن أمنهن على محمل الجد من خلال مناقشة المشاكل المحتملة والتخطيط في حال وقوعها. تحتاج المدافعات عن حقوق الإنسان إلى تطوير استراتيجيات للتخفيف من المخاطر والتهديدات في أوقات الأزمات.
لدينا جميعًا الحق في الانخراط في النشاط السلمي لدعم أهداف العدالة الاجتماعية. لا يمكننا القيام بذلك إلا إذا كنا على دراية بالمخاطر التي قد تواجهنا وخططنا لمواجهتها مسبقًا. في ما يلي سلسلة من الاستراتيجيات والخطوات التي يمكن أن تساعد المدافعات عن حقوق الإنسان ومجموعاتهن للتخطيط بشكل أفضل لأمنهن.
- يجب على جميع المجموعات أن تحرص على أمن أعضاء فريقها بشكل جدي وعلني وفي وقت مبكر، بحيث يكون جميع الأفراد في المجموعة أو المنظمة بهذه الطريقة على دراية تامة بالمخاطر الأمنية المحتملة ويمكنهم التخطيط لها وفقًا لذلك.
- إن التسجيل كمجموعة رسمية في العديد من بلدان المنطقة صعب جدًا بل قد يكون من المستحيل على بعض المجموعات. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تؤدي المخاوف الاقتصادية والميزانيات المحدودة إلى عدم قدرة العديد من المجموعات علی امتلاك الوسائل لاستئجار مكاتب رسمية أو أماكن عمل مشتركة. وعليه فقد تقرر المجموعات في مثل هذه الظروف التجمع في الأماكن العامة مثل المقاهي أو المكتبات لتنسيق الأنشطة. يرجى الانتباه إلى محيطكن أثناء القيام بذلك. يجب الانتباه إلى عدم التحدث بصوت عالٍ حتى لا يتمكن الآخرون من الاستماع إلى محادثتكن والتعرف على أنشطتكن وخططكن. ويجب الانتباه إلى عدم استخدام نفس مكان الاجتماع بشكل متكرر. ويجب عقد اجتماعاتكن في أماكن ومساحات مختلفة، ذلك أن الإجراءات ومساحات الاجتماعات المعتادة تتيح سهولة مراقبة اجتماعاتكن وأنشطتكن.
- في حال استخدام المنازل الخاصة بكن لعقد الاجتماعات، يجب التأكد من إجرائها بالتناوب في منازل العضوات الأخريات أيضًا. يجب الانتباه الى عدم عقد كل اجتماعاتكن أو معظمها في منزل شخص واحد، لأن ذلك قد يشكل خطرًا أمنيًا على ذلك الشخص أو للمجموعة ككل.
- غالبًا ما يتم استخدام الهواتف المحمولة كأجهزة تنصت مما يجعل مراقبتكن أسهل على قوات الأمن. كما ستُظهر GPS على هواتفكن أن عدة أشخاص كانوا في نفس الموقع في نفس الوقت، مما قد يؤدي إلى زيادة الحساسية تجاه نشاطكن. وعليه يجب محاولة استخدام هاتفين محمولين حيث يمكنكن اصطحاب الهاتف الثاني غير المرتبط بكن إلى اجتماعاتكن مما يجعل المراقبة أكثر صعوبة. في حال لم يكن من الممكن أن يكون لديكن هاتف ثانٍ، فإننا نوصي بعدم أخذ هاتفك المحمول معك إلى اجتماعات التخطيط والتنسيق. كون رقمك الرئيسي معروفاً للكثيرين بما في ذلك عملاء الأمن، يسهل مراقبة محادثاتك من خلال ذلك الهاتف. إذا كان يجب عليك اصطحاب هاتفك الرئيسي إلى اجتماعاتك، قومي باتخاذ الاحتياطات التي تجعل المراقبة أكثر صعوبة مثل تغليف هاتفك المحمول بورق الألمنيوم قبل وصولك إلى وجهتك لمنعه من العمل كجهاز استماع. ويجب الاخذ بعين الاعتبار أنه لا يمكنك وقف استخدام هاتفك كجهاز استماع أو مراقبة ببساطة عن طريق إيقاف تشغيله أو وضعه على مسافة منك.
- يجب محاولة عدم استخدام الهواتف المحمولة الخاصة بك في الشارع قدر الإمكان. تشير تجربة العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة اللواتي سُرقت هواتفهن إلى أن اللصوص الذين يسرقون الهواتف المحمولة قد يكونون مرتبطين بقوات الأمن، حيث يمكن لوكلاء الأمن من خلال الوصول إلى هواتفكن البدء في معرفة المزيد عن علاقاتكن وأنشطتكن مما يسهل عليهم رفع قضايا ضدكن بسبب عملكن في مجال حقوق الإنسان.
- يجب حفظ محاضر الاجتماع والصور والكتابات وكل ما يتعلق بأنشطة المجموعة على قرص صلب وإبقائها في مكان آمن وسري. على الرغم من أن المدافعات عن الحقوق لا يعملن في نشاطات سرية ولا يقمن بأي شيء خاطئ، ولكن مع استمرار الضغط عليهن، حيث في بعض السياقات قد تؤدي تغريدة انتقادية إلى سجن شخص ما، فمن الأفضل حماية معلوماتكن قدر الإمكان بهدف منع الأحكام الجائرة والتهم الأمنية مثل “نشر دعاية أو أخبار كاذبة” أو “التواطؤ والتآمر لارتكاب جرائم ضد الأمن القومي”.
- يرجى مشاركة رقم الاتصال الخاص بأحد أفراد الأسرة المقربين مع جميع أعضاء مجموعتك بحيث يمكنه متابعة قضيتك قانونيًا في حالة إلقاء القبض عليك.
- يرجى التحدث إلى أحد أفراد عائلتك عن أنشطتك وإقناعهم أنك اخترت الطريق الصحيح وأنك ملتزمة بالعمل على تحسين حقوق الإنسان وأن مطالبك عادلة. من المهم أن يكون أفراد العائلة على دراية بمواقفك وأنشطتك في حالة الاعتقال حتى يتمكنوا من الدفاع عنك. إذا كنت تعتقدين أن عائلتك ليست على استعداد للدفاع عنك وأنشطتك، عليك التفكير في دعم بديل. نصيحتنا هي أن تقومي بمنح أحد أصدقائك أو أعضاء مجموعتك سلطة متابعة قضيتك في حالة الاعتقال أو الاحتجاز واتخاذ قرار بشأن أفضل استراتيجية لنشر الأخبار حول وضعك.
- يرجى مناقشة والاتفاق على كيفية مشاركة المعلومات والإعلان عن الاعتقال المحتمل لعضوات المجموعة. هل تريدين أن تكوني في الأخبار بمجرد القبض عليك؟ أم تفضلين الانتظار 24 ساعة أو 48 ساعة أو مدة زمنية أخرى محددة سلفًا، قبل الإبلاغ عن خبر اعتقالك؟ ما الذي يجب إبرازه في التقارير الإخبارية حول عملك وخلفيتك وأفكارك؟ كيف سيتم اتخاذ القرار حول من ستقوم بمشاركة الأخبار ومتى في حالة القبض عليك؟ هل ستقوم عائلتك أم المحامي/ة أم أصدقاؤك أم زملائك في مجموعتك بذلك؟ إننا ننصح بنشر الأخبار المتعلقة بوضع المعتقلات إذا لم يتم الإفراج عن العضوة المعتقلة خلال الثماني والأربعين ساعة الأولى بعد الاعتقال.
- يرجى وضع بروتوكول متفق عليه للتواصل بشأن سلامة ومكان كل عضوة من عضوات الفريق بطريقة آمنة حيث إنه من المرجح أن يتم القبض على الناشطات الحقوقيات في حالات مثل الإضرابات والانتفاضات والثورات. قد تعيش بعض عضوات مجموعتك بمفردهن أو قد تظل عائلاتهن صامتة بشأن اعتقالهن بسبب وعود بالإفراج السريع عنهن أو بسبب تهديدات قوات الأمن. إنه لمن المهم في مثل هذه الحالات أن يكون لديك خطة بديلة للسماح لعضوات المجموعة بمعرفة اعتقال العضوة في أقرب وقت ممكن، حيث يمكن لبقية المجموعة بهذه الطريقة اتخاذ خطوات لضمان سلامة الأخريات ممن هن في الخارج. يجب على سبيل المثال إخراج العضوة الموقوفة من مجموعات النقاش على تطبيقات Whatsapp وSignal أو أي تطبيقات أخرى في حال كان لديكن مثل هذه المجموعات الجماعية لتنسيق أعمالكن. إن هذه الطريقة تمكنكن من منع وصول قوات الأمن إلى النصوص والمعلومات الخاصة بمجموعتكن. قد تتمثل إحدى الإستراتيجيات في جعل الجميع يسجلنَ أنفسهن على أساس يومي في وقت محدد بحيث إذا لم تقم احدى العضوات بهذا التسجيل، يجب إزالتها من الرسائل الجماعية والتواصل حتى يتضح أنه لم يتم القبض عليها.
- يجب أن يكون لدى جميع عضوات مجموعتك فهم قوي لحقوق الأشخاص الذين يتم استجوابهم واحتجازهم واتهامهم. مع أن العديد من قوات الأمن لا تلتزم بحقوقهم ولا تلتزم في كثير من الأحيان بالحماية القانونية للمتهمين، فإن وعيك بالحقوق سيساعدك أثناء الاستجواب والاحتجاز. يمكنك تذكير المحققين ومسؤولي السجن والقضاة والسلطات الأخرى باستمرار بحقوقك، وبهذه الطريقة يمكنك منعهم من ممارسة ضغوط غير قانونية عليك بهدف إجبارك على اعترافات كاذبة ضدك أو ضد زميلاتك.
- من المهم أن تتفق عضوات المجموعة قدر الإمكان على مستوى المخاطر والصعوبات الذي يمكنهن تحمله. وعليه، يجب الاستمرار في بناء التوافق في الآراء داخل فريقك بشأن الأنشطة الأكثر خطورة للمجموعة حيثما وأينما كان ذلك ممكنًا حيث قد توافق عضوة أو عدد قليل من العضوات على نشر مقال يبدو حساسًا على سبيل المثال أو ربما تتفق بعض العضوات على تنظيم احتجاج بينما قد ترفض الأخريات لأنهن يجدن أن هذه الأنشطة محفوفة بالمخاطر الكبيرة. قد يكون اتخاذ القرارات بشأن كيفية المضي قدمًا في مثل هذه الحالات أمرًا صعبًا. قد لا تكون جميع عضوات المجموعة على استعداد لقبول المخاطر الأمنية. أو قد تختلف درجة المخاطرة التي ترغب العضوات في قبولها اعتمادًا على ظروف كل منهن. من المهم الاتفاق مسبقًا على عملية اتخاذ القرارات بشأن مثل هذه الإجراءات الحرجة والمحفوفة بالمخاطر. هل يجب أن تُتخذ هذه القرارات فقط عندما يكون هناك إجماع كامل أم أن التصويت يالأغلبية كافٍ؟ سيساعد الاتفاق المسبق على العمليات في معالجة الخلافات المحتملة التي قد تضر أو تعرقل التعاون المستمر لمجموعتك.