
في ساعات الصباح الباكر من يوم ١٣ حزيران/يونيو ٢٠٢٥، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية الواسعة والمنسقة على إيران، مستهدفًا ما لا يقل عن ٢٥ حيًا سكنيًا مكتظًا في العاصمة طهران، بالإضافة إلى عدد من المدن الأخرى مثل قم، همدان، سنندج، أراك، إيلام، كرمانشاه، بروجرد، خرم آباد وغيرها. طالت هذه الهجمات مناطق حضرية ومرافق علمية ومراكز أبحاث نووية. وتشير التقارير الأولية والصور القادمة من مكان الحدث إلى دمار واسع في البنية التحتية المدنية وسقوط عدد كبير من القتلى من المدنيين، بمن فيهم أطفال.
من بين الضحايا عدد من الأساتذة الجامعيين والعلماء النوويين الإيرانيين وعائلاتهم، إلى جانب مدنيين آخرين — وهو ما يبدو كمواصلة لسياسة الاغتيالات الإسرائيلية التي تُعد خرقًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المدنيين والأكاديميين والعاملين في المجال العلمي ممن لا يشاركون في الأعمال القتالية.
ولا يُمكن اعتبار هذا الاعتداء عملاً معزولًا، بل هو تصعيد خطير ومدروس ضمن حملة عسكرية إقليمية أوسع بدأت بالحرب المستمرة التي تشنها إسرائيل على غزة. فمنذ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، قُتل أكثر من ٦٠٠٠٠ فلسطيني — معظمهم من المدنيين، ونسبة كبيرة منهم من النساء والأطفال — خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في غزة، والتي استهدفت بشكل منهجي البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء ومصادر المياه. وقد اعتبر خبراء حقوق الإنسان، ومسؤولون أمميون، وخبراء قانونيون دوليون، أن هذه الأعمال ترقى إلى جرائم حرب، وتطهير عرقي، وإبادة جماعية.
خلال هذه الفترة، واصلت إسرائيل أيضًا شنّ هجمات في لبنان وسوريا واليمن، متجاهلةً بشكل صارخ سيادة الدول المجاورة ومبادئ السلم والأمن الدوليين. وتستمر هذه العمليات بدعم عسكري ودبلوماسي كامل من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، حيث تم تعطيل كل محاولات مجلس الأمن الدولي لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية أو المطالبة بمحاسبة مرتكبيها، نتيجة لاستخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه إسرائيل.
ويأتي تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن “الشعب الإيراني ليس هو الهدف” مناقضًا للحقائق على الأرض، حيث تم تدمير منازل مدنية ومباني عامة وقتل عائلات بأكملها في الهجمات الأخيرة. وكما هو الحال في غزة، اتسمت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بالاستخدام العشوائي وغير المتناسب للقوة، في انتهاك واضح لمبادئ التمييز والتناسب والضرورة المنصوص عليها في القانون الدولي.
بصفتنا منظمة نسوية تدافع عن حقوق النساء وتلتزم بقيم السلام، تدين فيمينا بأشد العبارات الهجمات الجارية، بما في ذلك استهداف المدنيين والبنية التحتية في إيران. ونؤكد موقفنا بأن بنيامين نتنياهو مجرم حرب، إذ أشرف خلال فترة قيادته على حملة ممنهجة من العنف المنظم ضد السكان المدنيين في مختلف أنحاء المنطقة. إن أفعاله في غزة، ولبنان، وسوريا، واليمن، والآن في إيران، تمثل انتهاكات متكررة وصارخة للقانون الدولي، ويجب أن يُحاسب أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أمام محكمة خاصة
كما نعرب عن قلقنا العميق تجاه حالة الفوضى والدمار التي تسببت بها هذه الهجمات على الشعب الإيراني بأسره. فمنذ بدء الهجمات التي ما زالت مستمرة، تم تعطيل الاتصالات عبر الإنترنت، وفرضت السلطات الإيرانية قيودًا صارمة على المواطنين، بما في ذلك تجريم توثيق ما يحدث من خلال الصور والفيديو. ونخشى أن تستغل السلطات الإيرانية هذه اللحظة من الأزمة لتكثيف الانتهاكات ضد حقوق المواطنين، ولا سيما في المناطق ذات الأغلبية من الأقليات العرقية، والتي كانت أيضًا من بين أهداف الهجمات غير القانونية الإسرائيلية.
كما نستنكر صمت المجتمع الدولي — بل ودعمه الصريح أحيانًا — إزاء ما يجري. إن استمرار هذا الصمت يبعث برسالة خطيرة مفادها أن بعض الأرواح أقل قيمة من غيرها، وأن القانون الدولي يمكن أن يُطبق بشكل انتقائي. وهذا لا يُعد حيادًا، بل تواطؤًا.
ندعو الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، وكل الحركات النسوية والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والعدالة والسلام إلى التحرك العاجل. لا يمكن لشعوب غزة وإيران وسائر شعوب الشرق الأوسط تحمّل المزيد من التأخير. يجب فرض تطبيق القوانين الدولية التي تحمي المدنيين — ليس فقط من أجل من يعانون اليوم، بل من أجل مستقبل النظام الدولي وكرامة الإنسان