فيمينا: حق، سلام، شمولية

فيمينا: حق، سلام، شمولية
تدعم فیمینا المدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن والحركات النسوية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا

معلومات الاتصال

ندين في فيمينا المجازر في سوريا: نداء عاجل لتحقيق العدالة والحماية والمساءلة

Syria Massacre

نعبر في فيمينا عن بالغ قلقنا إزاء التصعيد الخطير في العنف والمجازر التي وقعت في سوريا في أوائل شهر مارس. تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من ١٠٠٠ شخص، معظمهم من المدنيين العلويين، في هجمات انتقامية وأعمال عنف طائفية في المنطقة الساحلية الشمالية الغربية من سوريا. وتشير بعض التقارير إلى أن بعض مرتكبي هذه المجازر مرتبطون بـ “هيئة تحرير الشام”. تثير هذه المجازر شكوكًا جدية حول قدرة الحكومة المؤقتة على الحفاظ على الأمن وحماية المدنيين والوفاء بوعودها بضمان سلامة الأقليات الدينية والعرقية في سوريا. نطالب في فيمينا بوقف فوري لجميع العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين العزل، كما ندعو الحكومة المؤقتة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية العلويين وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية، بالإضافة إلى المجتمعات الضعيفة بشكل أوسع، من الهجمات الانتقامية.

قامت هيئة تحرير الشام، الفصيل الإسلامي الذي قاد الهجوم ضد نظام الأسد، عند وصولها إلى السلطة في دمشق، بتشكيل حكومة مؤقتة تتألف في معظمها من الشخصيات نفسها التي قادت المجموعة في محافظة إدلب. في محاولة لطمأنة السوريين والمجتمع الدولي بأنها لا تسعى لاحتكار السلطة، وصف زعيم الهيئة أحمد الشرع الحكومة بأنها “مؤقتة” ستتولى الحكم لفترة انتقالية حتى استعادة النظام في البلاد. وقدمت الحكومة المؤقتة تطمينات محددة بشأن سلامة الأقليات في سوريا. ومع ذلك، بعد فترة وجيزة من سقوط بشار الأسد في ديسمبر، ظهرت تقارير عديدة عن عمليات خطف وقتل طالت أفرادًا من الأقلية العلوية، زعمت الحكومة أنها حوادث فردية ومعزولة.

إلا أن التصعيد الأخير في أعمال العنف يدحض هذه الادعاءات. فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من ١٠٠٠ شخص، من بينهم ما لا يقل عن ٧٤٥ مدنيًا (أُعدم معظمهم من مسافة قريبة)، و١٢٥ عنصرًا من قوات الأمن السورية، و١٤٨ مقاتلًا مواليًا للأسد. كما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن ٨٠٣ أشخاص بين ٦ و١٠ مارس ٢٠٢٥، من بينهم ٣٩ طفلًا و٤٩ امرأة. وذكرت الشبكة أن ١٧٢ عنصرًا من قوات الأمن والشرطة والجيش قُتلوا على يد مجموعات مسلحة غير حكومية مرتبطة بالنظام المخلوع. بالإضافة إلى ذلك، قُتل ما لا يقل عن ٢١١ مدنيًا، من بينهم عامل في المجال الإنساني، في عمليات إطلاق نار مباشر نفذتها هذه المجموعات. كما وثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن ٤٢٠ مدنيًا ومقاتلًا أعزل، بينهم ٣٩ طفلًا و٤٩ امرأة و٢٧من الكوادر الطبية، على أيدي قوات عسكرية غير منظمة مرتبطة بوزارة الدفاع. تشير هذه الأرقام إلى أن هذه المجازر تمثل أسوأ أعمال عنف منذ ديسمبر، وواحدة من أكبر المجازر منذ اندلاع الثورة السورية عام ٢٠١١.

بدأ التصعيد في ٦ مارس عندما ردت الحكومة المؤقتة على هجمات شنتها مجموعات موالية للنظام المخلوع، نصبت كمينًا لقوات الأمن الحكومية في جبلة بمحافظة اللاذقية الساحلية. أدى ذلك إلى موجة من الهجمات الانتقامية، استهدفت بشكل خاص المدنيين من الطائفة العلوية. استهدف المسلحون الموالون للحكومة العلويين في الشوارع أو أمام منازلهم، ولكن النساء والأطفال وعائلات بأكملها كانوا أيضًا ضحايا للعنف. تم نهب وإحراق منازل العلويين، وأظهرت مقاطع فيديو جثث العشرات من المدنيين مكدسة في بلدة المختارية، حيث قُتل أكثر من ٤٠ شخصًا في موقع واحد. وأظهرت لقطات أخرى مقاتلين بزي أمني يطلقون النار على الأشخاص من مسافة قريبة، ويتعاملون مع الأسرى بطريقة مهينة. كما أفيد بانقطاع الكهرباء ومياه الشرب في مناطق محيطة باللاذقية.

تسببت موجة القتل الانتقامي والهجمات في حالة من الرعب داخل المجتمع العلوي، مما دفع العديد من العائلات إلى الفرار من منازلها. ورغم أن عائلة الأسد تنتمي إلى الطائفة العلوية، فإن غالبية العلويين ليس لهم ارتباط بالنظام. ألقت الحكومة المؤقتة اللوم على ما وصفته بـ “انتهاكات فردية”. من جانبه، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن تشكيل “لجنة مستقلة” للتحقيق في هذه الانتهاكات ضد المدنيين ومحاسبة المسؤولين عنها.

نطالب في فيمينا بوقف فوري للعمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين العزل، ونؤكد على الحاجة إلى تحقيق مستقل ونزيه حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت هذا الشهر، على أن يتم إجراؤه من قبل هيئة دولية. ويجب محاسبة جميع الجناة بناءً على نتائج التحقيق، بغض النظر عن انتماءاتهم، لضمان تحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب. علاوة على ذلك، ندعو في فيمينا إلى تنفيذ عملية عدالة انتقالية شاملة، تتضمن المحاكمات وآليات الحقيقة والمصالحة، لمعالجة الفظائع الجماعية التي وقعت في الماضي. ونؤكد على ضرورة تطبيق قوانين تحمي الأقليات الدينية والمجتمعات الضعيفة من التمييز والعنف، وتطوير قدرات النظام القضائي المحلي لمقاضاة الجناة بفعالية، وضمان المساءلة والتعويض للضحايا. كما نوصي بضرورة إطلاق حوار وطني شامل تاريخيًا، يضم جميع الفئات الدينية والإثنية، إلى جانب تمثيل عادل للنساء، لضمان مشاركة المجتمعات المهمشة بشكل فعلي. إن تحقيق عدالة انتقالية حقيقية وعملية مصالحة وطنية ضرورية للتعافي المجتمعي في سوريا، ولضمان بناء نظام ديمقراطي شامل للجميع.

ندعو في فيمينا المجتمع الدولي إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط على سلطات الأمر الواقع، وربط رفع العقوبات بإحراز تقدم ملموس في مجال حقوق الإنسان. كما نحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم اللازم لضحايا المجازر، وضمان شفائهم وإعادة تأهيلهم. إن المجتمعات المتضررة في سوريا بحاجة ماسة إلى الحماية من استمرار العنف والنزوح، بما في ذلك توفير مساعدات لإعادة التوطين، وضمان حصولها على الغذاء والرعاية الصحية والمأوى، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي لتعافيهم من الصدمات. ونؤكد على ضرورة دعم المبادرات التي تقودها النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان، اللواتي يلعبن دورًا محوريًا في الاستجابة لاحتياجات مجتمعاتهن