مع انطلاق حملة ١٦ يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تبرز الحاجة للتوقف عند واحدة من أكثر العواقب المدمرة للنزاعات: الأثر العميق والمُهمَّش غالبًا على النساء والفتيات. من شوارع غزة المنكوبة إلى المدن التي أنهكتها الحروب في السودان، سوريا، اليمن، ليبيا، ولبنان، تحولت أجساد النساء إلى ساحات صراع، مما جعل العنف القائم على النوع الاجتماعي سمة مروعة ومستمرة لهذه النزاعات.
وضعت عقود من الاحتلال والعنف في فلسطين النساء والفتيات في خطر دائم، حيث يتعرضن للتحرش والعنف عند الحواجز، وفي أثناء المداهمات العسكرية، وحتى في تفاصيل حياتهن اليومية. لم يشرد دمار المنازل والمجتمعات في غزة الآلاف فقط، بل زاد من تعرض النساء لخطر الاستغلال والعنف الجنسي والعنف الأسري في ظل ظروف معيشية مكتظة. وتتفاقم هذه التحديات بسبب محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والعدالة القانونية تحت الاحتلال، مما يعمق من فجوات عدم المساواة بين الجنسين.
تفاقمت هشاشة أوضاع النساء في لبنان بفعل تداعيات النزاع بين إسرائيل وحزب الله، بما في ذلك النساء اللاجئات السوريات والفلسطينيات اللواتي يواجهن العنف الجنسي والاستغلال في مخيمات النزوح. أما السودان، فيشهد استخدامًا ممنهجًا للعنف الجنسي كسلاح حرب، حيث تستهدف الميليشيات النساء في حملة مرعبة من الإرهاب. وفي اليمن، دفعت سنوات الحرب إلى ارتفاع معدلات زواج الأطفال والاتجار بالبشر، مع اضطرار العائلات إلى اتخاذ تدابير يائسة للبقاء. وسوريا وليبيا كذلك ما زالتا بؤرتين للعنف حيث تواجه النساء الاغتصاب والاتجار وفقدان سبل العيش.
تركز حملتنا هذا العام على تقاطع الحروب مع العنف القائم على النوع الاجتماعي. من خلال مقابلات مع ناشطات من فلسطين ولبنان والسودان واليمن وسوريا، سنُبرز أصوات النساء اللواتي يقفن في الصفوف الأمامية لهذه الأزمات.
لنجعل هذه الحملة فرصة لا تقتصر على رفع الوعي فحسب، بل تتعداه إلى الدعوة لإحداث تغيير حقيقي. معًا، يمكننا السعي لتحقيق المساءلة، وتمكين الناجيات، وضمان صون حقوق وكرامة النساء والفتيات، حتى في أكثر اللحظات ظلمة. فكل عشر دقائق تُزهق روح امرأة، ووراء كل رقم تكمن قصة لا يجب أن تُنسى أبدًا.