مع احتفالنا باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار (مارس) ، ازداد الضغط على المجتمع المدني وخاصة على الناشطات حول العالم بشكل كبير ، مما أدى إلى تقلص الفضاء المدني أو إغلاقه. وخلال العام الماضي عملت الحركة النسائية العالمية بلا كلل للحفاظ على إنجازاتها ودرء الهجمات التي تشنها عليها الجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء. وقد أزعجنا جميعًا أن نرى مدى السرعة التي يمكن بها السير فى اتجاه معاكس لحقوق المرأة المكتسبة والتي تحققت لها بعد جهد كبير.
وفي اليوم العالمي للمرأة، أطلقت مجموعة من النساء والمنظمات الحقوقية حملة “دعم المدافعات عن حقوق الإنسان و حماية الفضاء المدني” للفت الانتباه إلى القمع والهجمات ضد المجتمع المدني في إيران وأفغانستان ومصر.
وبالرغم من انه يأتى التركيز فى حملتنا على هذه البلدان الثلاثة , الا ان ذلك لا يعني أن الوضع أفضل للنساء وحركاتهن في أماكن أخرى في معظم بلدان المنطقة والتى لا تزال منظمات المجتمع المدني النسائية بها تواجه العنف والقمع, بدءا من المملكة العربية السعودية إلى الأردن والبحرين والعراق وفلسطين، وحتى في سياقات أكثر انفتاحًا مثل تونس والمغرب ولبنان. ولا تزال المرأة تواجه التمييز والعنف, فيتم إسكات المدافعين عن حقوق المرأة من خلال حملات التشهير بهن وتهديدهن ومن خلال العنف الموجه ضدهن. وقد حدت هذه الضغوط بشكل كبير من الحق في تكوين الجمعيات والتجمع وحرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات للمجموعات النسائية ومهدت الطريق للتراجع عن حقوق المرأة.
إن عملية السلام الأفغانية على سبيل المثال تثير قلق العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان خوفا من أن يتم التفاوض بشأن حقوق المرأة. وقد حققت النساء اللواتي عانين أكثر من غيرهن في ظل حكم طالبان تغييرات حقيقية وإيجابية للنساء في أفغانستان بسبب العمل المتواصل للمدافعات عن حقوق الإنسان. ومع ذلك ، نرى اليوم أن ناشطات المجتمع المدني والصحفيات وموظفات الخدمة المدنية وحتى السياسيات يتعرضن للعنف والاغتيال الذي يتم تنفيذه دون عقاب. ففي الأسبوع الماضي فقط وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها لجنة حماية الصحفيات الأفغانيات لحماية الصحفيات, فقد اغتيلت ثلاث شابات هن مرسال وحيدي وسادية السادات وشهناز روفي وهن من العاملات في تلفزيون إينكاس في جلال آباد.
وفي مصر ، تواجه الحركة النسوية ذات التاريخ الطويل والناجح في الدفاع عن المساواة بين الجنسين , قمعًا غير مسبوق من بينه اعتماد قوانين شديدة التقييد تهدف إلى تجريم عمل المنظمات غير الحكومية وفرض القيود على المجتمع المدني. ونرى أن عزلة المجتمع المدني المصري مقلقة وتتلازم مع الضغط على المنظمات غير الحكومية والجماعات النسائية المعنية بحقوق المرأة مثل مركز النديم والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وعشرات غيرها من المجموعات المستقلة الأخرى. وعلى سبيل المثال, يثير التشريع الجديد المقترح في مصر والذي يهدف إلى إعاقة حقوق المرأة ، الكثير من القلق, ولكن القيود المفروضة على المجتمع المدني تجعل من الصعب على الحركة النسائية معالجة هذه التشريعات الرجعية.
وفي الأشهر الأخيرة, كان المدافعون عن حقوق المرأة الإيرانية في طليعة حركة MeToo المبتكرة والهامة. فبعد أربعة عقود من ثورة ۱۹۷۹ استمرت الحركة النسائية الإيرانية في المطالبة بتغيير القوانين التي تميز بشكل كبير ضد المرأة بما في ذلك الحق في الاستقلال الجسدي. وقد حُرِمت الناشطات في إيران بشكل منهجي وعلى مدى أربعة عقود من حقوقهن الأساسية في تنظيم التجمعات والمسيرات في يوم المرأة العالمي. لا يوجد أى تسامح مع النشاط المدني بشكل عام، وبخاصة لدى المنظمات الحقوقية التقدمية. وقد انضمت هدى عميد ونجمة وحيدي وراها أسكاريزاده المحكوم عليهم بالسجن لدفاعهم عن حقوق المرأة انضموا إلى صفوف العشرات من المدافعات عن حقوق الإنسان المسجونات بالفعل مثل الصحفية عالية مطالب زاده والناشطة في مجال حقوق العمال سبيده قليان.
وفي الواقع, لقد بذلت الحكومات في جميع أنحاء هذه المنطقة قصارى جهدها لقمع وإضعاف المجتمع المدني النسوى وتحاول الآن دحر المكاسب التي حققتها المرأة. ففي تركيا حيث تحول العنف ضد المرأة إلى جائحة, وكان قتل الإناث قد وصل أعلى معدلاته على الإطلاق، تعمل الحكومة على التراجع عن لوائح الحماية ومنها اتفاقية اسطنبول والتي تهدف إلى حماية النساء من العنف.
وأننا في اليوم العالمي للمرأة – ۸ مارس ۲۰۲۱ – ندعو جميع الحكومات في المنطقة ولا سيما حكومات أفغانستان وإيران ومصر إلى احترام حق المرأة في التنظيم وإنشاء منظمات مدنية, وكذلك نحث السلطات على إنهاء اضطهادهم للمدافعات عن حقوق الإنسان وتجريم عمل المجتمع المدني وندعوهم بدلاً من ذلك الى تسهيل عمل المجتمع المدني وحماية المدافعين عن الحقوق.
وفي أفغانستان على وجه الخصوص نحث الحكومة على التحقيق في موجة الاغتيالات التي استهدفت المجتمع المدني بما في ذلك النساء وتقديم جميع المسؤولين عنها إلى العدالة. فلابد أن تفهم الحكومات في المنطقة أن المجتمع المدني القوي والديناميكي يؤدي إلى مجتمع صحي وحيوي حيث يتم احترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.
وفي اليوم العالمي للمرأة ندعو الحركات النسائية في جميع أنحاء العالم للتضامن مع أخواتهن في المنطقة وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان في أفغانستان وإيران ومصر الذين يواجهون عزلة وقيودًا وعنفًا متزايدًا. إن عزل النساء العاملات في اجواء يكون فيها الفضاء المدني محدودًا أو غير موجود لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال المناصرة الجادة ودعم الحركة النسائية الدولية.