فيمينا: حق، سلام، شمولية

فيمينا: حق، سلام، شمولية
تدعم فیمینا المدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن والحركات النسوية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا

معلومات الاتصال

الرعاية الذاتية بعد الإفراج من الحجز

المؤلف: مرکز یارا

 في مقال “الحبس الانفرادي: المعاناة والتحمل والمقاومة” الذي نشره مركز يارا للمدافعات عن حقوق الإنسان سابقًا، أكدنا على ضرورة مناقشة أضرار الحبس الانفرادي والحجز، وقمنا بتقديم توصيات لمقاومة ومواجهة عواقب الحجز والانفرادي. تتناول هذه المقالة أهمية الرعاية الذاتية والدعم المتخصص وغير المتخصص بعد الإفراج من الحجز. تتضمن تجربة السجن والاستجواب مزيجًا من المقاومة والضعف ويصاحبها إصابات وصدمات يمكن أن تطاردنا مدى الحياة إذا لم يتم التعامل معها على محمل الجد ومعالجتها بشكل مناسب. إن انتحار بعض المتظاهرين/ات في “النساء، الحياة، الحرية” بعد إطلاق سراحهم/ن من الاعتقال أو انتحار نشطاء/ناشطات آخرين/أخريات، مثل سارة حجازي، يذكرنا بالأهمية الحاسمة للحديث عن الأضرار الناجمة عن الاحتجاز أو الحبس الانفرادي أو حتى الاستجواب. وأهمية مواجهتهم والشفاء من الصدمات الناتجة عن الخروج من السجن.

 التعرف على الاختلافات

تتراوح أضرار الاحتجاز والحبس الانفرادي، بناءً على الأبحاث والروايات المنشورة لتجارب الاحتجاز، بين مجموعة واسعة من الاضطرابات والقلق مثل الاكتئاب واليأس والعزلة والذهان والخوف من الموت وإيذاء النفس والانتحار. يتعرض/تتعرض البعض للسجن لفترات طويلة، بينما يتعرض/تتعرض آخرون/أخريات للاحتجاز المؤقت فقط، ويتعرض/تتعرض البعض للحبس الانفرادي لفترات طويلة، ويتعرض/تتعرض البعض للعنف الجسدي والجنسي أو غيره من السلوكيات المزعجة من المحققين. يتمتع/تتمتع البعض بتاريخ طويل من النشاط المدني والسياسي حيث أصبح لديهم/ن المهارات اللازمة للتعامل مع التجارب المروعة الناتجة عن الاستجواب والاحتجاز والتسبب في الأذى. تكمن الخطوة الأولى في التعرف على هذه الاختلافات وتجنب الشعور بالخزي ولوم الذات عند مواجهة عواقب الاحتجاز وتجنب مقارنة المشاعر مع الآخرين/الأخريات. يجب تذكر عدم شعور الأشخاص بالراحة في التحدث بصراحة عن معاناتهم/ن ونقاط ضعفهم/ن بعد إطلاق سراحهم/ن وقد يرفضون/يرفضن عمدًا مناقشة مثل هذه القضايا من أجل تقديم صورة “مرنة” و “مقاومة” لأنفسهم/ن. يجب عدم التأثر بما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي حول كيف يقاوم/تقاوم الآخرون/الأخريات ضغوط الاستجواب والاحتجاز، فالعديد من هذه الروايات قد لا تعكس الواقع أو تعكس جزءًا منه فقط. وعليه يجب عدم قمع عواطفك وإحباطاتك وعدم تجاهلها.

عملية التعافي والشفاء 

قد يكون التعافي بعد تجربة الاحتجاز والحبس الانفرادي عملية طويلة. قد تواجه/تواجهين فترات طويلة من القلق والأرق واضطرابات النوم والكوابيس، وقد يتم تذكيرك باستمرار بتجاربك في الاستجواب والإذلال الذي عانيت منه نتيجة الاستجواب والاحتجاز والأعمال العنيفة لقوات الأمن وما إلى ذلك. يمكن لهذه الذكريات غير السارة أن تغمر عقلك في أي وقت. يشعر المفرج عنهم/ن مؤخرًا من الحجز أو السجن بمشاعر لوم الذات على المعاناة التي تسببت بها هذه المحنة على أفراد أسرهم/ن وأحبائهم/ن. يمكن لهذه المشاعر بالذنب ولوم الذات أن تطغى عليك وتصبح قضية مزعجة ومستمرة للقلق. يجب العلم أن هذه المشاعر هي عواقب طبيعية ناتجة عن التجارب المؤلمة التي مررت بها وأن التعافي من تلك التجارب غالبًا ما يستغرق وقتًا ويمكن أن يستغرق وقتًا أطول من المتوقع. لا يمكن تحقيق الشفاء في بعض الأحيان دون دعم الأحباء أو المتخصصين. يجب عدم انكار ما عانيت منه وعدم التأخر في اتخاذ إجراء للتعافي ومنح عملية الشفاء الوقت الذي تحتاجه

إعادة بناء العلاقات الاجتماعية واستئنافها

تعد العزلة الاجتماعية والانسحاب من الأضرار التي قد تتعرض/تتعرضين لها بعد الاعتقال خاصة إذا كنت قد عايشت فترات طويلة من الحبس الانفرادي أو السجن طويل الأمد. قد تتجنب/تتجنبين الرد على المكالمات الهاتفية والاجتماعات وجهاً لوجه مما يسبب الضيق لمن حولك ويدفعك إلى الشعور بالوحدة والعزلة. وقد ينأى بعض معارفك بأنفسهم عنك أو يقطعون الاتصال بهم من ناحية أخرى للحفاظ على سلامتهم من المخاطر المحتملة والتهديدات الأمنية التي قد تنشأ من الاتصال بك. يجب منحهم الوقت وعدم الضغط عليهم. إن هذه تجارب شائعة لمن تم اعتقالهم/ن بتهم أمنية وأنت لست وحدك في مواجهتها. إن المسؤولية عن هذا الموقف والشعور الواسع النطاق بعدم الأمان تقع بالكامل على عاتق النظام القمعي الذي استهدفك وأنت لست مسؤول/ة عن هذه الظروف.

 يمكن أن تكون العودة إلى المجتمع وإعادة بناء أو استئناف العلاقات العاطفية والاجتماعية عملية صعبة ومليئة بالتحديات. يجب التحدث إلى المقربين منك عن هذه المشاعر وطلب أن يتفهموا موقفك ويساعدوك على تجاوز هذه الأيام الصعبة. يمكن للأصدقاء والمجموعات الداعمة أن تساعد في إعادة بناء الروابط الاجتماعية وفي إعادة الشعور بالانتماء. يمكن أن يكون التواصل مع المعتقلين/ات والسجناء/السجينات السابقين/ات الآخرين/الأخريات فعالاً للغاية في هذه العملية. أظهرت التجربة أن تكوين مجموعات وروابط بين المحتجزين/ات وحتى عائلاتهم/ن أو الاجتماع مع السجناء/السجينات الآخرين/الأخريات المفرج عنهم/ن هي استراتيجيات فعالة للصمود. إن الشعور بالانتماء الذي ينشأ من العضوية في مثل هذه المجموعات يمكن أن يساعد في عملية التعافي وكسر الشعور بالعزلة وخلق مساحة آمنة للمحتجزين/ات بعد إطلاق سراحهم/ن.

التحدث إلى أفراد موثوق بهم/ن وبناء شبكة دعم

يعتبر/تعتبر المتخصصون/ات والمعالجون/ات أن مشاركة التجارب المؤلمة مع الأصدقاء المقربين/ات الموثوق بهم/ن والعائلة استراتيجية فعالة للرعاية الذاتية عند مواجهة الصدمة. يجب التحدث إلى الأشخاص الذين/اللواتي تثق/تثقين بهم/ن وتعلم/تعلمين أنهم/ن لا يصدرون/يصدرن أحكامًا ويجب طلب الدعم العاطفي وطلب مساعدتهم/ن في العودة إلى حياتك الروتينية. سيساعد التعاطف والتضامن في التعامل مع مشاعر العزلة الناتجة عن الاحتجاز. خاصة إذا كنت تشارك/تشاركين معاناتك مع أولئك الذين/اللواتي مروا/مررن بتجارب مماثلة. يجب الأخذ بالاعتبار مع ذلك أنه قد يطلب منك الناس إعادة سرد ذكرياتك من فترة احتجازك بعد الإفراج عنك. يمكن أن تؤدي مراجعة التفاصيل المؤلمة بشكل متكرر إلى زيادة حدة الصدمة. لست ملزمًا/ملزمة بالرد حيث يجب عليك مشاركة فقط ما تشعر/تشعرين بالراحة لمشاركته. وفي حال عدم رغبتك في التحدث، فيجب التعبير عن ذلك بكل صراحة. من المهم أن يتم سرد ما مررت به بناءً على رغبتك وخيارك وليس تحت ضغط اجتماعي. يجب وضع ذلك في الاعتبار إذا قررت إجراء مقابلة مع وسائل الإعلام..

تقنيات الصحة النفسية والاسترخاء

أثبتت تقنيات مثل تمارين التنفس العميق والتأمل واليوغا أنها فعالة جدًا في تقليل القلق والأرق ولها تأثير إيجابي بشكل عام على الصحة الجسدية والعقلية وزيادة الرفاهية بشكل عام. تعمل هذه التمارين على تحسين جودة النوم وتقليل توتر العضلات. طرق الرعاية الذاتية البسيطة هذه مجانية ومنخفضة التكلفة ويمكن الوصول إليها ويمكن دائمًا ممارستها. ابحث عن التقنيات التي تناسبك بشكل أفضل واجعلها/اجعليها جزءًا منتظمًا من روتينك لتحسين نومك وعافيتك بشكل عام.

العناية بالجسم والصحة البدنية

قد تعاني/تعانين من أعراض جسدية مثل الصداع أو عسر الهضم أو مشاكل صحية أخرى بعد الإفراج. يجب زيارة الطبيب وعدم اهمال الفحوصات العامة خاصة في حالات الاضراب عن الطعام أثناء الاحتجاز. يجب اعطاء الأولوية لصحتك البدنية واتباع نظام غذائي صحي والحصول على قسط كافٍ من النوم. ويجب ممارسة الرياضة واتباع روتين معين من التمرين، حتى لو كان روتينًا بسيطًا كتمارين الإطالة في المنزل لبضع دقائق يوميا. يجب جعل هذه التمارين عادة يومية. ويجب تجنب آليات المواجهة غير الصحية مثل الإنكار وتجاهل الصدمات وتعاطي المخدرات والإفراط في استهلاك الكحول. هذه الأساليب ليست سوى مسكنات مؤقتة ويمكن أن تكثف الآثار النفسية للصدمات على المدى الطويل مما يضر بصحتك الجسدية والعقلية.

يجب اشغال نفسك بالأنشطة الترفيهية

قد تجعلك تجربة الاحتجاز تفقد/ين الاهتمام بالأنشطة التي اعتدت الاستمتاع بها. واحدة من أهم تقنيات الرعاية الذاتية والحد من القلق هي الانخراط في الأنشطة الترفيهية. يمكن أن تشمل هذه الأنشطة الرسم والكتابة والقراءة ومشاهدة الأفلام والاستماع إلى الموسيقى والمشي وقضاء الوقت مع أحبائك أو قضاء الوقت مع الحيوانات الأليفة. يجب طلب المساعدة من الأصدقاء ومن مستشار إن أمكن لجعل هذه الأنشطة جزءًا من روتينك اليومي إذا كنت غير قادر/ة على القيام بهذه الأنشطة بمفردك

البحث عن دعم متخصص

 يجب طلب الدعم المتخصص من المستشارين/ات والمعالجين/ات إذا أمكن، حيث لا يمكن التعامل مع الصدمة والتغلب عليها في بعض الأحيان من قبل الشخص بمفرده/ها أو بدعم من أحبائهم/ن، بل يتطلب ذلك علاجًا متخصصًا. خاصة في حال التعرض للتعذيب الجسدي والعنف الجنسي أثناء الاحتجاز. يجب عدم التردد في البحث عن معالج/ة في مثل هذه الحالات. سيساعدك/ستساعدك المعالج/ة على معالجة تجاربك وعواطفك والوصول إلى قوتك الداخلية والسيطرة تدريجيًا على شؤونك والعودة إلى الحياة الطبيعية. أظهرت الأبحاث أن البحث عن العلاج والعلاج النفسي من أكثر الطرق فعالية للتعامل مع عواقب الصدمة. ويفضل اختيار شخص مطلع على الوضع السياسي في بلدك والتحديات والتعقيدات المتعلقة بنشطاء/ناشطات المجتمع المدني. قد تصاب/ين بالإحباط بالطبع في حال اختيارك خلاف ذلك، ولكن يمكنك دائمًا تغيير المعالج/ة. من الأفضل الطلب من الأشخاص الذين/اللواتي اختبروا/ن الاحتجاز لوصلك مع معالج/ة موثوق/ة.