
رغم صدور عدة إعلانات عن وقف إطلاق النار، فإن الوضع في السويداء لا يزال هشًا، والعنف الذي شهدته المدينة خلّف جراحًا عميقة لم تندمل بعد.
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ، قُتل ما يقارب ١٤٠٠ شخص في محافظة السويداء نتيجة الاشتباكات المسلحة، القصف، الإعدامات خارج نطاق القضاء، والغارات الجوية الإسرائيلية. من بين هؤلاء، تم إعدام ما لا يقل عن ١٩٦ شخصاً قبل إعلان وقف إطلاق النار. وقد شملت الضحايا مدنيين من بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، وتشير التقارير إلى أن المناطق السكنية والشوارع ووأماكن التجمع العامة قد تأثرت بشكل مباشر. كما أُصيبت البنية التحتية الطبية بأضرار جسيمة؛ إذ أصبحت معظم المستشفيات خارج الخدمة بسبب القصف والاشتباكات، مما أعاق حركة الكوادر الطبية وإيصال المستلزمات الأساسية. امتلأت المشارح بالجثث، ووردت تقارير عن ترك جثامين الضحايا في الأماكن العامة بسبب خطورة سحبها.
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد تم نزوح أكثر من ١٧٦٠٠٠ شخص من محافظة السويداء. وتشير تقارير من عدة وسائل إعلام إلى أن حوالي ٣٠٠٠٠ شخص – غالبيتهم من السكان الدروز – ما زالوا محاصرين في مدينة السويداء والبلدات المجاورة. وتستمر الأزمة الإنسانية الحادة، وسط نقص واسع في الغذاء، وانقطاع المياه النظيفة، والكهرباء، والاتصالات، نتيجة الأضرار البالغة التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية
تم إعلان وقف إطلاق النار الأول في ١٥ يوليو/تموز ٢٠٢٥ من قبل وزير الدفاع السوري، بعد ضغوط من قيادات الطائفة الدرزية. وفي ١٩ يوليو/تموز، أعادت الرئاسة السورية التأكيد رسمياً على هذا الاتفاق، داعية إلى “وقف شامل وفوري للأعمال القتالية”، ونشرت قوات من وزارة الداخلية في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال الاشتباكات المتفرقة، والهجمات الطائفية، والمداهمات المسلحة مستمرة، خاصة في المناطق الريفية والأحياء المضطربة، مما يؤكد هشاشة الوضع.
لقد تركت وتيرة العنف، وما رافقها من إعدامات ميدانية وخطف ونهب واستهداف طائفي، المجتمعات المحلية في حالة من الصدمة، والخوف من المستقبل القريب. السويداء، التي طالما اعتُبرت منطقة شبه مستقرة وتتمتع بقدر من الاستقلال، أصبحت اليوم بؤرة لأزمة إنسانية خطيرة.
في ظل هذا السياق العاجل، تواصلت فيمينا مباشرة مع مدافعات عن حقوق الإنسان يعملن على توثيق الانتهاكات، المطالبة بالعدالة، وحماية مجتمعاتهن. تكشف رواياتهن عن الكلفة الإنسانية العميقة لهذه الأزمة – وعن صمود من يرفضن الاستسلام له.